المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

رسالة غوطة دمشق إلى العالم

 
   
16:55

http://anapress.net/a/259329742090835
430
مشاهدة


رسالة غوطة دمشق إلى العالم

حجم الخط:

تحت عنوان "رسالة غوطة دمشق إلى العالم"، وقع كل من  (جيش الإسلام، وفيلق الرحمن، والمجلس المحلي للغوطة الشرقية، والدفاع المدني السوري، والخوذ البيضاء) رسالة مشتركة بهدف التذكر بأن جريمة كبرى من جرائم الحرب تحصل الآن في هذه اللحظات، بحصار وتدمير المناطق المدنية في المساحات التي تعرف بـ “غوطة دمشق الشرقية” والتي هي تجمع كبير لمدن وبلدات وقرى وأرياف وبساتين شاسعة تحيط بالعاصمة دمشق من جهة الشرق، ويعيش فيها مئات الآلاف من السكان والنازحين من مختلف المحافظات السورية الذين يعيشون ويموتون يومياً تحت نيران قصف نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، وكما هو موثّق بالصوت والصورة من داخل المناطق المحاصرة.

 إن هذا كله يمثل جرائم ضد الإنسانية تتخذ صبغة دامغة، وأدلتها مرئية للعالم كله الذي نشعر بالأسف والأسى أن يشترك في هذه الجرائم الرهيبة، بتقاعسه عن تحويل الإدانات الشفهية إلى القول والعمل الجاد.

ذنب غوطة دمشق أنها انضمت إلى ثورة الشعب السوري للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية المجتمعية والصناعية والاقتصادية. ذنب أهلها أنهم رفعوا لافتات في مظاهرات سلمية، خرجت في شوارع الغوطة كما خرجت في شوارع درعا وحمص وحماة وحلب ودير الزور والحسكة والرقة وإدلب وغيرها، وفق نص الرسالة.

انتفاضة شعبية رفضت رفع السلاح متبعة أحدث أساليب الاحتجاج المدني العالمية، لكنها جوبهت، علي يد الأسد، بالرصاص والنار والاعتقالات والتعذيب في السجون حتى الموت. فقرر أهلها الدفاع عن أنفسهم ومنع قوات الأسد من انتهاك مناطقهم المدنية الآمنة.

وقال الموقعون على الرسالة: ماذا فعل الأسد والروس والإيرانيون أيتها السيدات والسادة؟ حاصروا الغوطة كما حاصروا قبلها مناطق عديدة، إلى أن اضطر أهلها إلى أكل أوراق الأشجار، وحرق أثاث بيوتهم للتدفئة ودفن شهدائهم في حدائق بيوتهم.

حين صمت العالم على أدولف هتلر في الثلاثينات وعقد معه اتفاقيات سلام، رفض قادة العالم المتنورون الذين تحلوا بالشجاعة مثل السير ونستون تشرشل أن يعطوا للقاتل النازي أية شرعية، وعرفوا أنه سيتضخم بعدها حتى يصل إلى لحظة الهولوكوست الفظيعة التي لم تُشفَ البشرية منها بعد.

وهذا هولوكوست آخر يجري في غوطة دمشق الصغيرة، والتي تبلغ مساحتها أقل من 110كم2، أي ما يعادل فقط أقل من ثلاثة أضعاف مساحة معسكر “أوشفيتز” النازي. تحدث هذه المحرقة في سوريا اليوم بيد الأسد والروس والإيرانيين. لكن يبدو أن قادة العالم اليوم لم يتعلموا الدرس من ذلك التاريخ القريب.

 

 استخدم الروس كافة أشكال الأسلحة التي تنتجها مصانعهم، وخرج الرئيس فلاديمير بوتين يتباهى بأن جيشه جرّب الأسلحة الروسية الحديثة في سوريا
 

وجاء في الرسالة أيضًا: استخدم الروس كافة أشكال الأسلحة التي تنتجها مصانعهم، وخرج الرئيس فلاديمير بوتين يتباهى بأن جيشه جرّب الأسلحة الروسية الحديثة في سوريا، ضارباً بعرض الحائط جميع القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن واتفاقيات خفض العنف والهدنة وكل ما يمكن أن يوقف إطلاق النار.

وتساءل الموقع على الرسالة: ما هو المعنى الذي يجّسده لكم خرق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن؟ وعدم اتخاذ أي إجراء عقابي تجاه ذلك؟ أليس هذا تكريساً للخروج عن القانون وارتكاباً للمزيد من الجرائم التي لم تتوقف على المدنيين السوريين وحدهم.

لقد تفوق نظام الأسد اليوم، بجرائمه التي باتت لا تعد ولا تحصى، على أكثر المطلوبين للعدالة شهرة على مستوى العالم، ففي الوقت الذي وثّق فيه مجلس الأمن أن حصار سراييفو قد تواصل من ربيع العالم 1992 إلى شتاء 1996 فقد تجاوز حصار بشار الأسد للغوطة هذا الرقم بكثير، حصار بدأه من مارس 2013 ويستمر حتى قراءتكم لهذه السطور، دمر و قصف الأسد على الغوطة خلاله ما يتجاوز الـ 8994 منزلاً حسب تقارير المنظمات الأممية، وخلال الفترة ذاتها هاجم الأسد الغوطة بالسلاح الكيماوي في أغسطس 2013 في عملية شهد عليها العالم تسببت بمقتل 1400 شخص أكثر من 400 منهم من الأطفال بضربة واحدة فقط حينها.

منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، لقي أكثر من 25000 شهيد مدني في الغوطة حتفهم، التي أحصي عدد مرات قصفها بالكيماوي بـ 77 مرة، أحدثها كانت 7 مرات في هذه الحملة الاخيرة، لتصل نسبة الدمار في أبنيتها ومعاملها ومزارعها إلى80 بالمئة، تلك المناطق لم تعد صالحة للسكن الآن. استخدمت روسيا والنظام الى الان 6500 طلعة جوية كل طلعة تحمل 8 صواريخ أسقطت فوق رؤوس أهل الغوطة. و2000 برميل متفجر، و3250 صاروخ أرض - أرض، وتم تدمير جميع المشافي فيها وحظر دخول كافة أنواع الأدوية، والقضاء على جميع حظائر المواشي التي كانت تزود سكان الغوطة بالغذاء والحليب، بعد أن تم تصويرها بطائرات الاستطلاع الروسية واستخدام البراميل المتفجرة لإبادتها.

وطيلة ذلك الوقت، وفق ما جاء في نص الرسالة، كان أهل الغوطة يمتلكون العدد الكافي من المقاتلين والكثير من العتاد العسكري والأسلحة، لكنهم قاوموا على مدى سنوات، ليس فقط قصف طائرات الأسد والطيران الروسي والغزو الطائفي الإيراني، ولكنهم قاوموا أيضا الغرائزية التي أراد نظام الأسد جرّهم إليها بالمزيد من العنف الشرس. ولو أرادوا الانتقام لأمطروا دمشق بالقذائف يومياً، غير أنهم تحملوا وصبروا لأنهم يعلمون أن عدوهم ليس أهل دمشق بل نظام الأسد الذي يحتلها ويستعبد سكانها ويتخذهم رهائن ودروعاً بشرية عنده، وما يزال، حتى الآن، لا يفصل بين حي جوبر والمناطق الأمنية للنظام سوى مئات الأمتار، ولكن جوبر وزملكا وعربين وحرستا ودوما وسقبا وغيرها من مناطق الغوطة، لم تتحول الى منصات عسكرية لقصف دمشق العاصمة، كما حاول نظام الأسد ادعاء ذلك لتشويه صورة الثوار في الغوطة، بل تمسكوا بحق الدفاع عن النفس فقط، وهو حق تحفظه لهم الشرائع الدولية كلها ويعترف به القانون الدولي. وعلى المجتمع الدولي أن يتفهم هذا الموقف الإنساني العميق، الذي منعهم من قتل أبناء بلدهم من الأبرياء والمدنيين. وبالمقابل عليه أن يمنع سلطة الأسد التي أصبحت مع الوقت سلطة احتلال لا تمتلك أية شرعية، من غزو المناطق الآمنة في الغوطة وتطبيق أبشع الجرائم على سكانها المدنيين.

إن أهالي الغوطة المحاصرين، من أطفال وأمهات وكبار ومسنين، بحاجة إليكم لإيقاف جحيم الهولوكوست السوري المتنقل بين المدن والمدنيين السوريين العزل. نحن اليوم نقترب من نهاية الربع الأول من القرن الواحد والعشرين ولا زالت بلادنا تعاني من مجازر العصور المظلمة.

وشدد الموقعون على الرسالة المشتركة على أن غوطة دمشق رمز تاريخي سوري عالمي يجري سحقه وتحطيمه الآن، وقد تغنى بها الشعراء والمؤرخون من كل أنحاء العالم منذ العصور القديمة حتى زمننا هذا، وهي التي وصفها الكاتب الأميركي الكبير الأيقونة مارك توين، في زيارته لدمشق بأنها فردوس حقيقي. وكتب عنها يقول “رغم عمركِ الذي من عمر التاريخ ذاته، فإنكِ نضرةٌ مثل نَفَس الربيع، متفتحةٌ مثل براعم وردِك الجوريّ، عابقةٌ مثلَ زهر برتقالِك، يا دمشقُ، يا لؤلؤة الشرق”.

واختتم الموقعون على الرسالة: يجب أن نذكركم أيضاً أن الثورة السورية هي انتفاضة جيل من الشباب السوريين اللذين طالبوا بـ “الكرامة”، كرامة السوريين التي كانت مهدورة بسبب هيمنة نظام الأسد على حياتهم وعدم تطبيقه لأي قانون محليّ سوري، فمتى يجب أن تُطبَق القرارات الدولية الجريئة التي تعيد الكرامة إلى “العالم” كله بعد أن فقدها، باحتقار الأسد وحلفائه للقانون الدولي وجميع ما أنتجته البشرية من قيم متحضرة دفعت ثمنها آلاف السنين من الويلات والحروب والكوارث كي لا يتكرر مثلها يومًا ما؟